آخر الاخبار

«كاتس».. استعراضات مسرحية متقنة والبطولة جماعية

1-165مشهد من مسرحية «كاتس»

عندما تشاهد مسرحية «كاتس» إحدى روائع المسرح البريطاني، فإن أشياء جميلة تمر ببالك وتحتار في اختيار أيها الأجمل لتتحدث به عن هذا العمل الخالد، لكنني لم أجد نفسي معجبا بشيء بقدر اعجابي بتصفيق الحضور الحاد لعمل تجاوز عمره ثلاثين سنة.. فهو لا يزال يحصد نجاحا وكأنه يعرض للتو.

«كاتس» مسرحية استعراضية موسيقية، من تأليف واخراج جون لويد ويبر الموسيقي الشهير، اقتبسها من قصة قديمة في ديوان «الجرذ» لإيلويت، تحكي قصة اجتماع مجموعة من القطط لاختيار واحدة منها لتحلق في السماء تعبيرا عن الخلود، وهو تعبير غير مباشر عن الوصول إلى الهدف المنشود والنجاح في الحياة.
◗ بعيداً عن التفاصيل
لا أعتقد أن هناك من حضور المسرحية خلال مسيرتها الطويلة من اهتم بتفاصيل القصة، ولذلك لن اتحدث عنها، لأن الاخراج والموسيقى والديكور والازياء والاستعراض والرقصات والحركة الاخراجية والإضاءة والتناسق الجسدي والخفة وتوزيع المجاميع كان اجمل بكثير من مضمون القصة، فهناك أكثر من 25 ممثلا وممثلة يقفون على الخشبة.. كل واحد منهم كان نجما.
حين كتب اليوت قصته سنة 1939 كانت انكلترا تغوص في مكبات من القمامة والقطط تسرح وتمرح فيها، فكان هذا المشهد طبيعيا في تلك الفترة، لكن الأمر الآن اختلف.. ومع ذلك كان الديكور الرائع والأزياء من سحر العمل الذي خلب العيون وسلب القلوب وجعلنا نتابع العمل بشغف.. نعم بشغف، هذا هو المصطلح الذي أراه مناسبا جدا لما شاهدته في عيون الحضور ليلة أمس الأول، القطط (الكاتس) سلبت عقول الجمهور!
◗ عالم القطط
جرت الأحداث في عالم القطط، لكن المفاجأة أن عالمها لم يكن يختلف عن عالمنا كثيرا، لا أعتقد أنني كنت مشدوها بالاستعراض فتحمست له، ولكنها الحقيقة التي شاهدتها واضحة على الخشبة، الكاتب ويبر أتقنها فصارت خالدة لا يؤثر فيها تتابع الأيام، مدة العرض ساعتان، لكنها كانت خفيفة جدا علينا، الاستعراضات المتقنة التي لم تكن تهمل اي شيء.. حتى من كان يجلس في الظل في اعلى الخشبة في جانب المسرح كان يتحرك وله تأثير في العرض، ما يعني أن الحركة والأداء كان جماعيا طوال عرض المسرحية، مع صعوبة هذا الأمر فان «كاتس» نجحت في تحقيقه.
لم يكن في المسرحية نجم شباك، ولم يجتمع الممثلون في نهاية العرض ليمجدوا واحدا او اثنين منهم كما يحدث عندنا في المسرح عادة في نهاية العروض، وكأن هناك أسياد وعبيد في العرض، لكن البطولة كانت للجميع.. تخيل أن المسرحية من بطولة 25 فنانا (!) يصعب ان يتخيل جمهورنا هذا لأنه من المستحيلات الفنية في عالمنا.
◗ نجمات العرض
في مسرحية كاتس لم أشاهد نجم شباك ولا برنسيسة تتمخطر على الخشبة وكأنها حورية زمانها، بل كانت القطط جميعا نجمات وبرنسيسات، هذا العمل الدي يستحق التصفيق الحاد، وقفنا وصفقنا جميعا له، هو يستحق ان يعرض في دار الأوبرا وأن يشاهده ملايين، عمل خالد أمتعنا كل شيء فيه، الموسيقى والديكور والرقصات والأداء والممثلون، لماذا لا يقدم المسرحيون عندنا مثل هذه العروض المتقنة؟!
لم تكن هناك لحظة صمت.. وان كانت فهي تخدم الموضوع، ولم يكن هناك ممثل لا داعي له، ولم ترتفع الأصوات بطريقة مزعجة، ولم يكن فيها حوار سوى موضعين فقط لم يستمر اكثر من جملتين فقط، كل حركة في العمل محسوبة بدقة، لذلك يستمر عرضه وسيستمر لسنوات طويلة.
اقتبس جون لويد ويبر أحداث المسرحية من ديوان الجرذ العجوز للشاعر تي اس اليوت، يروي اليوت في الديوان حياة القطط وامزجتها بلغة ساخرة وخيالية مجسدا الحالة النفسية لهذه الحيوانات الأليفة التي تحاول البحث عن وسيلة للعودة إلى الحياة بعد الموت.

فن ون – القبس الالكتروني

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*