بقلم : يوسف الحمدان
في لجة التحدي والإصرار على أن تضخ روحاَ جديدة وخلاقة في قلب ودماء مسرحنا العربي ، يخوض الفنان والمخرج الشاب المتوهج مازن الغرباوي معضدا بجهود قرينته الشابة إنجي البستاوي ، يخوض غمار تجربة مسرحية من شأنها أن تشكل مرتكزا ومنعطفا جديدا في حراك مسرحنا العربي الشاب ، وذلك عبر إطلاقه مشروع مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي ، والذي أسعدني حقا أن أشهد دورته الرابعة التي أكدت قوة وصلابة هذا المشروع في أن يستمر دون أدنى أي إمكانية أو محاولة للتراجع أو التعثر أو اليأس ، فالمغامر المبحر مازن الغرباوي وضع نصب عينيه أبعد اللجج وأعتاها وأكثرها خطورة قبل أن يخوض غمار هذا المشروع ، لذا كان نجاح هذا المشروع قرينه وحليفه مهما اعترضت دربه بعض الإشكالات والمعوقات والتي من شأنه أن يهتم بها ويتفهمها كي تسهم في تطوير مهرجانه الدولي الشاب .
ويكفينا من هذا الجهد الغرباوي الاستثنائي ، اعتراف أكبر وأهم الجهات الرسمية في مصر والوطن العربي والعالم الأوربي ، وكبار الفنانين العرب والأوربيين ، بمكانة وأهمية وتأثير هذا المهرجان المسرحي الشبابي على مختلف الطاقات الشبابية المبدعة في المسرح بمختلف أنواعه واتجاهاته المسرحية في خارطتنا الكونية .
ولم يحظ الغرباوي بهذا الإعتراف ، لولا إصراره على أن يقدم على تدشين لبنات هذا المشروع المهرجان ، مهما كان شح الإمكانيات والدعم والمساندة ، المهم أن يأخذ هذا المهرجان مساره الذي كان يطمح إلى تحققه يوما ، وقد تحقق اليوم وشق طريقه واكتملت إلى حد كبير فضاءات تشكله العربي والعالمي .
والبداية كانت أشبه باحتفالية شعبية كرنفالية عفوية أقيمت على عتبات الفنادق وقاعاتها وساحاتها العامة في ( خليج نعمة ) بالشرم ، حضرها مجموعة من أهل الفن الشباب والداعمين بقناعة لمشروع الغرباوي من بعض الفنانين العرب والخليجيين ، وحظيت باهتمام كبير من قبل أهل المسرح ، بالرغم من المعوقات الكثيرة والمرهقة التي واجهته وأحرجته مع بعض ضيوف المهرجان من خارج مصر ، والتي كلفته الكثير ربما من الخسائر المادية ، والتي تحمل تبعاتها وحده ، مؤمنا بأن القادم سيكون حتما أجمل ، المهم أن لا يقف أي عائق أمام هذا المشروع الحلم ، وما أجمل الأصدقاء الفنانين الذين وقفوا معه وشدوا من أزره من أجل أن يقف هذا المهرجان على قدميه قويا شامخا ، ذلك أنه أصبح بالنسبة إليهم مشروعهم الذي يشاركون فيه المغامر الجميل الفنان مازن الغرباوي .
ونظرا لإيمانه الكبير والعميق بقيمة هذا المشروع وأهميته بالنسبة للغرباوي الشاب المغامر ، أصبح ليله نهارا ، وصار الزمن بالنسبة إليه رهن تحقيق هذا الحلم ، فبات يشغل الوقت كله في تنظيم وتقوية عضد هذا المشروع ، ويعقد هنا وهناك اجتماعات وعلاقات ولقاءات لتذليل كافة الصعوبات والمعوقات التي سبق أن واجهها في الدورات الثلاث السابقة ، وصار الكثير من كبار المسئولين والفنانين يراجعون قناعاتهم السابقة في مشروعه ، حتى انتهوا إلى ضرورة دعمه والوقوف معه ، مهما كانت الظروف ، وها نحن نشهد هذا الدعم المعنوي والفني الكبير في هذه الدورة ، من خلال كبار نجوم مصر ، من أمثال سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب ، والفنان النجم محمد صبحي ، ونقيب الفنانين الدكتور أشرف زكي ، ولعل تكريمه لنجوم المسرح المصري والعالمي ، هو في حد ذاته أكبر دعم لمشروعه المسرحي ، ويكفينا أن يكون من بين هؤلاء المكرمين المخرج الدنماركي العالمي يوجينيو باربا والمخرجة الفرنسية كاترين مارناس ، اللذين يعد حضورهما في هذا المهرجان سابقة دولية فريدة تحسب بلا شك للفنان الغرباوي ، الذي أتاح لنا فرصة أن نحرص على حضور هذه الدورة للإستزادة بتجربتيهما المسرحيتين العالميتين المؤثرتين في المسرح العالمي .
ويعتبر حضور الفنانة العالمية جوليا فارلي قرينة يوجينيو باربا ، من أهم المكاسب الفنية في هذا المهرجان ، فهي ابنة مسرح الأوديون ، وربيبة أعمق التجارب فيه وأكثر المشتغلات في الأداء الصوتي الغروتوفسكي الصعب ، وما أجمل تلك اللحظات المدهشة التي وقفت فيها جوليا على عتبة خشبة مسرح قصر الثقافة أثناء الافتتاح ، لتذهلنا بأدائها الغرائبي الذي يعكس مدى غورها في عمق التجربة الأدائية الصوتية في المسرح .
ويهمني هنا ان أشيد بالجهود الكبيرة التي اضطلعت بها الكاتبة والمترجمة المبدعة الدكتورة نورا أمين ، المنسق العام للمهرجان ، وذلك من خلال ترجمتها الأمينة والدقيقة للمحاضرات والمؤتمرات التي قدمها كبار الفنانين ، من أمثال يوجينيو باربا والمخرجة الفرنسية كاترين مارناس و المخرجة السويسرية صوفي كونوروف ومركز البحوث المسرحية الألماني وغيرهم ، ففعلا تستحق منا كل الشكر والثناء .
ولا يمكن أن نتجاوز ونحن نتحدث ونطرق أبواب الإضافات الإبداعية العالمية للمهرجان ، اختيار الغرباوي المخرجة والممثلة السويسرية صوفي كونوروف رئيسا للجنة التحكيم ، بجانب المخرج الألماني توماس إنجل اللذين حتما سيضيفان برؤيتهما المعملية المسرحية الثاقبة الكثير من الرؤى التي ستسهم في رفد هذا المهرجان بالجديد والمغاير .
ومن المهم جدا الوقوف على الإصدارات التي صاحبت هذا المهرجان ، ومن أهمها الكتب التي تضمنت سيرة مكرم المهرجان الأول الفنان الكوميدي الشهير ( جورج سيدهم ) ، بجانب إصدارات كثيرة تم تدشينها في هذا المهرجان ، وأعتبر ذلك حيزا معرفيا ضروريا لا بد منه لإغناء مكتبة المسرح في وطننا العربي .
ويتجلى هذا التحدي المغامر المسئول أكثر ، في تنوع مسابقات المهرجان المسرحية ، إذ ضمت بجانب العروض المسرحية الجماعية ، عروض مسرح الشارع والمونودراما ، الأمر الذي سيسهم في تشكيل مناخات مسرحية متعددة ، تسهم في عملية التلقي في مختلف أفضية الحياة بشرم الشيخ ، ولعلها شهادة أفضى بها محافظ محافظة سيناء السيد خالد فوده في الافتتاح ، وأعتقد أنه الرهان الأجمل على أن يكون المسرح حيا ومتواجدا في كل مكان ، كما أنه لا ينفصل إن لم يضف حالة ما أحوجنا إليها في وطننا العربي ، وهي السياحة الثقافية التي تعتبر شرم الشيخ أجمل المدن في سيناء ملائمة لها ، وهي التفاتة تحسب للفنان المغامر مازن الغرباوي .
والأهم من كل ذلك ، أن يتوفر هذا المهرجان في هذه الدورة ، على فضاء مسرحي ملائم للعروض المسرحية ، وهو فضاء خشبة مسرح قاعة قصر الثقافة ، التي يحسب فيها للغرباوي ، أول من يقتحمها مسرحيا في مصر ، ويدشن من خلالها تاريخا ستذكره الأجيال والأيام لمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي .
وسيشتد عود المهرجان أكثر وأكثر ، بتنفيذ الإتفاقيات المشتركة التي عقدها الغرباوي مع بعض المؤسسات والجهات الثقافية والمسرحية ، الخليجية والعربية والدولية ، في المهرجانات القادمة ، حينها سنرى أن هذه اللجة التي اعتلى الغرباوي ذروتها ، قد أصبحت سفينة تبحر به وبالمهرجان نحو آفاق مسرحية خلاقة وأكثر تأثيرا ..
فلك صديقي مازن الغرباوي رئيسا وللفنانة قرينتكم إنجي البستاوي ولكل من أسهم في دعمكم ومدكم بماء الحب والحنو ، كل المحبة ، ومزيدا من المغامرة والتحدي ، حتى إنجاز أجمل وأبدع ..
مجلة فن ون الإلكترونية أول مجلة فنية إلكترونية كويتية متخصصه تغطي المحتوى الترفيهي الخليجي والعربي مع أكبر كم من أخبارتشمل قصص عن مشاهير ومسرح وسينما وتلفزيون وموسيقى وموضة وأحداث خاصة
