آخر الاخبار

الرقابة تهوي بالدراما الكويتية.. فهل من منقذ؟

بالتزامن مع رفع سقف الحرية في نظيرتيها السعودية والإماراتية

 

رسالة إلى الوزير المحبّ للثقافة والفنون الشيخ سلمان الحمود

660833-816869مسلسل «ساق البامبو».. صُوِّر في دبي رغم أن أحداثه تدور في الكويت
660833-816868 برنامج «سيلفي» مؤشر مهم على رفع سقف الطرح والحريات في الأعمال السعودية
660833-816867مسلسل «خيانة وطن».. انطلاقة إماراتية

على مدى العقود الماضية تسيدت الكويت سوق الدراما الخليجية، فكان ذلك عاملاً رئيسياً في بناء مكانتها كعاصمة للفن والثقافة في المنطقة.

وشكّل الفن الذي كانت الكويت تصدّره بدعم واحتضان من الدولة، وفي جو من الحريات الإعلامية وتقدم التعليم، «قوة ناعمة» عظيمة أعطت البلاد مساحة تأثير وحضور أوسع بكثير من مساحتها الجغرافية، وتتواءم مع حياتها الديموقراطية ودستورها التقدمي.

هنا في الكويت شق أكبر نجوم الدراما الخليجيين طريقهم، ولمع أبرز الكتّاب والمخرجين من مواطنين وخليجيين، واعتدنا ان تُقدم أفضل الأعمال سواء في شهر رمضان أو على مدى أيام السنة مكتسحة الشاشات ومستحوذة على اهتمام الجماهير في كل دول المنطقة.

لكن الأمر لم يعد كما كان على ما يبدو، فثمة خطر كبير يهدد هذه القوة ويدمر هذه الصناعة وإرثها، عنوانه «الرقابة».

من الغريب والمريب، أن تواجه الدراما الكويتية تهديدا كهذا في زمن تتراجع وتتعقلن فيه الرقابات أمام التكنولوجيا، ويتزايد فيه وعي المسؤولين وتفهمهم للواقع كما هو حاصل في المملكة العربية السعودية والإمارات اللتين بدأتا خطوات كبيرة في اتجاه تحرير الإعلام وتوفير مساحات التعبير على الشاشات، مثل التي أصبحنا نراها في أعمال مثل «خيانة وطن» و«سيلفي»، و«مستر كاش» وغيرها.

باستغراب كبير نتساءل: لماذا مُنع عمل مثل مسلسل «ساق البامبو» المستوحى من رواية كويتية حازت جائزة بوكر العربية من التصوير في الكويت، طالما أنه صُوّر في دبي ويعرض على قناة كويتية خاصة واسعة الجماهيرية ورصينة وملتزمة بالقوانين مثل «الراي»؟!

ولماذا تضطر «الراي» إلى اقتطاع مشاهد تعرضها قناة «ام.بي.سي» السعودية بلا أي مشاكل؟ علما بأن تكلفة إنتاج المسلسل ارتفعت إلى الضعف بسبب تصويره في الخارج، واضطر فريق العمل للانتقال إلى دبي، ولجأ مخرجه محمد القفاص إلى كل الحيل لإظهار الأحداث وكأنها صورت في الكويت.

ولو تابعنا تعليقات الناس فإن أغلبهم مستاء مما تعرض له المسلسل من صعوبات وليس من مضمون أحداثه سواء اتفقنا معها أو رفضناها.

بمواجهة هذه التحديات المزعجة، خرج مسلسل «ساق البامبو» بصورة أقل وهجا مما كان متوقعا، بينما ألغي غيره من الأعمال.

ومن يتابع باقي المسلسلات هذه السنة يحزنه واقعها الفني البائس، لاسيما على مستويي ضعف الإنتاج وهشاشة النصوص لتزداد قتامة الصورة سنة بعد أخرى.

يُجمع أهل الوسط الفني عندما يوجه إليهم السؤال عن سبب التدني المتواصل في مستوى الأعمال على سبب أساسي ومحوري هو الرقابة التي ظهرت قبل سنوات قليلة ويزداد تفعيلها بشكل مستهجن وممنهج وكأنه يهدف إلى التخلص من الدراما الكويتية وتحويلها من بيئة جاذبة إلى بيئة طاردة، وإشاعة الإحباط في أوساط العاملين فيها وزيادة العوائق أمام صناعتها.

في ظل محدودية المسموح ولا نهائية الممنوع، لم نشاهد على الشاشة هذا الموسم إلا نصوصا مفرغة من مضمونها، محلية كانت أو مستوردة، مع وجود رقباء يقولون كلمتهم التي لا ينازعهم فيها أحد «ممنوع وانتهى»، فالرقيب يحاسِب ولا يُحاسَب ولا تترتب عليه أي مسؤوليات إزاء ما يُقتطع من جهد مختصين، مهما كانت سنوات خبرتِهم وغنى سيرهم وثراء إسهاماتهم وتاريخهم!

الدراما الكويتية على مفترق طرق: فإما مراجعة واقعها المأزوم أو المزيد من الخسارة والتراجع أمام المنافسين الصاعدين بما يفقد الكويت ساحة من ساحات تميزها وريادتها.

ارتقت الصحافة الكويتية عندما ألغي نظام الرقابة المسبقة عليها، فالتزمت برقابة ذاتية تضمن تماشيها مع القانون وشقت طريق النجاح، وهناك قضاء نزيه ومُحترم يحاسبها عندما تجنح وتخطئ. وهكذا ينبغي التعامل مع الدراما عبر رقابة لاحقة فقط.

ما زالت الفرصة ممكنة لاستدراك الخسارة قبل فوات الأوان، ومنع اضمحلال قطاع يوفر فرص عمل كبيرة وآلاف الوظائف، وتستفيد منه دول مثل مصر وتركيا للترويج لثقافتها وسياحتها ونشر تأثيرها، وبدأت باقي دول الخليج العربي تنتبه لأهميته.

نكتب هذه الاسطر بصدق ومحبة وحرص وانطلاقا من واجبنا الإعلامي، ونتوجه برسالة إلى وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود، المحب للثقافة والفنون ليتدخل، فهو المسؤول القادر على البدء بإجراءات توقف التدهور، كما فعل في السابق شيوخ كبار دعموا النهضة الفنية الكويتية وقلموا أظافر من يحاربونها.

ليصوّر المنتجون أعمالهم ويتحملوا مسؤوليتها، وكذلك القنوات التي تعرضها، وإلا فعلى الدراما الكويتية السلام.. فهل هناك من ينقذها؟

فن ون – الانباء

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*