آخر الاخبار

شاعر غنائي يغادر الوسط الفني إلى دار المسنين

أشهر روائعه مع طلال مداح ومحمد عبده

442385b9-bcf1-43b4-832b-3f22fd1a3aaf_16x9_600x338

بصوت أجش لا يخفي رقة قلبه، تحدث الشاعر الغنائي المخضرم يوسف رجب من “دار الرعاية الاجتماعية للمسنين” بالطائف عن الجحود الذي يعيشه الوسط الفني وعن محطات مهمة في مسيرته الطويلة التي طرزها بروائع عصية على النسيان.

وقال يوسف رجب: “دخلت إلى دار الرعاية برغبتي بعد وفاة والدي ووالدتي، حتى لا أجد نفسي في الشارع. كنت أبحث عن الاهتمام والرعاية، وليس لدي من يهتم بي”. سكت قليلاً ثم أكمل :”اتصلت بالشباب في جمعية الثقافة والفنون وطلبت منهم مساعدتي بالدخول إلى الدار، وكانت لهم وقفة معي لا أنساها. وبعد 5 أيام من اتصالي بهم وجدت نفسي هنا”.

المفارقة تكمن بأن رجب الذي كان مخلصاً لحبيبته الملهمة وكتب لها عشرات القصائد التي صدح بها أشهر الفنانين ونذر خفقات قلبه المتسارعة شعراً لها، وجد نفسه وهو في منتصف السبعينات من عمره يقف وحيداً، وعن هذا قال: “كنت أخشى العيش بمفردي. أكره الوحدة. لذا أتيت إلى دار المسنين، وأصبح لدي أسرة، وهناك من يعطيني أدويتي ويذهب بي إلى الحدائق ويراجع بي المستشفيات، وهذه أكبر نعمة”. وتابع:” أنا لم أتزوج”.. انقطع صوته قليلاً ثم أكمل: “لو تزوجت كنت محاطاً بأولادي، أنا الآن في أمس الحاجة لهم.. الحمدلله على قضائه وقدره”.

وأوضح رجب أنه يشعر بالثراء كلما تذكر أن في رصيده 70 أغنية شدا بها أشهر الفنانين، ولم يمهلنا لسؤاله عن أشهر تلك الأغاني.. قاطعنا ثم ردد شطراً من قصيدته “عوافي” التي غناها الفنان طلال مداح ولحنها طلال باغر، وأعاد الذكرى لرائعة محمد عبده “مالي على الحب اعتراض” التي أطلقها في بداية الثمانينات، وإحدى الروائع التي كتبها :”مين فينا ياهل ترى.. باع الهوى واشترى” التي غناها الراحل فوزي محسون ومن بعده الراحلة عتاب، وعاد من حيث ابتدأ إلى “صوت الأرض” في أغنية “عذري لله”.

يوسف رجب المتخم بالأمل والحنين، ذكر أنه كتب القصيدة الغنائية بحثاً عن ذاته ولم يكن ذلك للمال أو الشهرة، وقال: “لا تصدق أن أكثر مبلغ حصلت عليه من وراء القصائد الغنائية كان 4000 ريال. وهذا المبلغ الزهيد ليس بقيمة قصائدي”.

ولفت إلى أنه يشعر بالغبطة والسعادة وهو يقيم بين 50 مسناً كل واحد فيهم يخبئ قصته التي لم تكتمل، ولا يزال يحدوهم الأمل أن القادم أجمل مع إشراقة كل صباح على حد وصفه. وشرح رجب: “أستيقظ مبكراً أتناول إفطاري ثم أدويتي وأذهب إلى الخيمة أحتسي القهوة وسط أحاديث الصباح مع رفقائي الجدد. ولدينا قنوات رياضية “مشفرة” ونخرج أحياناً إلى الهدا والشفا لنستنشق أوكسجيناً ندياً أو أذهب لزيارة الأصدقاء القدامى ثم أعود إلى الدار”.

وعن آخر النصوص التي كتبها، قال: “كتبت نصاً وطنياً تزامن مع زيارة الملك سلمان حفظه الله إلى مصر، أما على صعيد الأغاني فكان آخر تعاون لي مع الفنان طلال سلامة قبل دخولي الدار، وقبله راشد الفارس في أغنية الحلم”.

يوسف رجب لم يشيخ وجدته شاهقاً كجبال الطائف المأنوس، أبى أن نختم حديثنا معه دون أن يدس في جيبنا غيمة من غيماتها، ويحدثنا عن حارته القديمة وذكرياته فيها، وتألمنا حين يعصره الحنين وهو يتذكر طلال مداح وفوزي محسون وعبدالله محمد وسراج عمر وغازي علي وعلي عبدالكريم ومحمد عمر. وبعدها قال لنا: “سأكون وفياً مع هؤلاء وأستمر في كتابة الأغنية كسابق عهدي، سأخبئ دفتري تحت مخدتي وكأني لازلت في البدايات”.

مدير “جمعية الثقافة والفنون بالطائف” فيصل الخديدي الذي كانت له وقفة مع الشاعر يوسف رجب وصفه بأنه “عاش في الظل وأبدع من الهامش وتغنى بحب الوطن بصوت شجي وحرف ندي، وها هو يعود بصمت للهامش ويسكن الظل في دار الرعاية الاجتماعية بالطائف بعد أن أعياه المرض والفقد، ذهب باختياره تاركاً مساحة الحرية خارج أسوار دار الرعاية ومكتفياً بحريته الداخلية”.

فن ون – العربية نت

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*