عندما كان ترشيح العروض المسرحية الأهلية للمشاركة في المهرجانات الخارجية ، محال أمره ومناط إلى الجهات العليا المعنية بالإعلام والثقافة بمملكة البحرين ، كانت الأمور أكثر سوية وأكثر إنصافا وأكثر قبولا ورضا من قبل الفرق المسرحية الأهلية والمسرحيين بشكل عام ، فهذه الجهات هي من تختار لجان التقييم للعروض المرشحة للمهرجانات الخارجية ، وعلى ضوء تقييمها تحسم أمر الفرقة التي ينبغي أن تشارك في هذه المهرجانات ، مراعية في ذلك ضرورة استقلالية اللجنة وعدم انتمائها لفرق مسرحية أهلية ، تجنبا لأي حساسية أو احتجاجات أو اعتراضات من قبل أي فرقة مسرحية من هذه الفرق ، بل كانت هذه الجهات تعتمد في ذلك التقييم أيضا على الآراء النقدية التي تكتب عن العروض المسرحية وعلى ذائقة بعض المسئولين فيها الذين يتقصون مدى جدية وجدة هذه العروض من عدمهما من خلال استئناسهم ببعض الرؤى النزيهة في حقل المسرح نقدا وإخراجا وتجربة وخبرة ، وفي نهاية الأمر يحسم هؤلاء المسئولين أمرهم على العرض المسرحي الذي يستحق الترشيح من بين هذه العروض ، حتى وإن كان من خارج إطار الفرقة الأهلية ، كما حدث مع مسرحية ( المؤلف ) للنادي الأهلي التي شاركت في مهرجان قرطاج في عام 86 أو 87 ، والتي لم يختلف أحد على تميزها وتمثيلها لمملكة البحرين في المهرجانات الخارجية .
ولكن وللأسف الشديد ، عندما أنيط أمر ترشيح العروض المسرحية للمشاركات الخارجية من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار ، إلى ( جمعية اتحاد المسرحيين البحرينيين ) ، بدأت الفوضى والنزاعات تدب في جسد مسرحنا البحريني ، وبدأ التواكل في السباق من قبل بعض الفرق المسرحية الأهلية ، وخاصة أقدمها ، للحظوة بالمشاركة في هذه المهرجانات ، خاصة ما إذا كانت المكافأة التي ستحظى بها هذه الفرقة مغرية ماليا وتختلف عن غيرها من المكافآت ، والتي تمنح بشكل أخص من قبل مهرجان الشارقة الخليجي .
ونموذجنا فيما نذهب إليه ، مسرحية ( ظلالوه ) ، تأليف كاتب السطور ، إخراج الفنان إسماعيل مراد ، إنتاج فرقة جلجامش بالتعاون مع مركز شباب الزلاق الثقافي ، والحائزة على جائزة التأليف وأفضل عرض وأفضل ممثلة أولى في مهرجان سمو الشيخ خالد بن حمد للمسرح الشبابي ، والتي أقامت فرقة مسرح أوال أولا ، معضدة باتحاد المسرحيين الذي يرأسه أيضا عضو من مسرح أوال ، أقامت الدنيا بسببها ولم تقعد ، حتى تمكنت من إزاحتها تماما من المشاركات الخارجية ، لتحظى في نهاية الأمر بنصيب المشاركة عنوة في مهرجان الشارقة الخليجي المزمع إقامته في فبراير 2019 بالشارقة ، بمسرحيتها ( نوح الحنين ) لمخرجها رئيس مسرح أوال أنور أحمد ، حجتها في ذلك أن عرض ( ظلالوه ) الذي اتفق أغلب من حضره من المسرحيين والجمهور ، بأنه الأجدر للمشاركة في المهرجانات الخارجية ، من بين المسرحيات التي قدمت خلال العامين ، نظرا لكونه يمتح من الأسطورة والموروث الشعبي برؤية معاصرة بعيدة كل البعد عن المتكرر والسائد ، حجتها أن هذا العرض ينتمي لمركز الزلاق الثقافي ، علما بأن البنر والخبر والمشاركون أكثرهم من فرقة جلجامش الأهلية معضدة بفرقة شبابية تولت زمام الأداء الكوريغرافي في العرض ، وهي حجة لا يسندها دليل أو عضد ، والدليل استماتة فرقة أوال في تقديم ما يربو على الخمسة عروض مسرحية في زمن نووي ، كي يرسو الأمر عبر لعبة الحظ ( المدبرة ) على واحد منها .
وأعتقد أن الأمر لا بد وأن يكون من الضرورة بمكان ، أن يناط إلى الجهات المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار ، خاصة وأن الاتحاد مشكل من أهل الفرق الأهلية ذاتها ، وكل منهم يود أن يشعل النار صوب خبزه ، والأكثر هيمنة ـ للأسف الشديد ـ ، سينال الخبز والتنور والخبازين ، طوعا أو كرها ، والدليل ـ للأسف الشديد ـ ترك المجال لهذا الاتحاد لتشكيل لجنة الاختيار والتقييم ، وهم ثلاثة ، إثنان من فرقة واحدة والثالث من جامعة أهلية ، فهل يعقل ذلك ؟
إن الضغوطات التي مورست على فرقة جلجامش الاستعراضية الأهلية ، يصعب تحملها ، خاصة وأن أعضاؤها شباب من ذوي التجربة والخبرة غير الطويلتين والغضتين ، بل أن هذا الاتحاد لم يضع في اعتباره حتى انسحاب هذه الفرقة من كيانه ، المهم أن تمضي الأمور حسب ما تقتضيه المصالح الضيقة للفرقة المرشحة ومن اصطف معهم من الاتحاد .
كما أن هذا الاتحاد ، كما هو واضح من خلال مماطلات أعضائه ، يعتمد في رفضه لمشاركة جلجامش على الأعراف وليس القانون ، فكيف يسمح لنفسه بالوقوع في مثل هذا المنزلق ؟ ولماذا تكون فرقة جلجامش هي كبش فداء الاختيار الأول للاتحاد من أول تأسيسه ؟ أليس الأجدر بهذا الاتحاد أن ينظم أموره وقوانينه ولوائحه بدلا من الاستشاطة في سن الأعراف بوصفها قوانين ولوائح على فرقة جلجامش ؟ !
أعتقد أنه إذا استمر مثل هذا الحال في جسم هذا الاتحاد ، فإن المستقبل القادم للمسرحيين البحرينيين سيكون معتما ، وكنا نتمنى على هذا الاتحاد ، أن يهتم ويعنى بحقوق الفنانين المسرحيين ويتولى الدفاع عنهم ، وهذه هي مهمته الأساسية ، بدلا من نصب الشراك والفخاخ والحبائل في دروب الفرق المسرحية وترجيح مصالح فرق على أخرى ، بما فيها حتى تضييق الوقت على الفرق في حجوزاتها للصالة، باستثناء فرقة مسرح اوال..
علينا أن نتعلم من دروس وأريحية الدول المجاورة في ترشيحها للعروض المسرحية المشاركة في مثل مهرجان الشارقة الخليجي ، فدولة الكويت حسمت أمر مشاركتها بالتفاهم الودي فيما بين فرقها المسرحية ، إذ كل مهرجان تشارك فرقة من فرقها المسرحية ، وهكذا حتى يتاح لكل الفرق المسرحية المشاركة في هذا المهرجان ، وكذلك سلطنة عمان التي يتم ترشيح العرض من قبل الجهة الرسمية المعنية ، وكذلك المملكة العربية السعودية ، والأمر منصف ومقبول كذلك بالنسبة للفرق المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة ، أما نحن ، فينبغي على الاتحاد مراجعة أجندته في هذا الشأن ، وإلا فعلى المسرح البحريني السلام ، وليعذرني هذا الاتحاد إذا كنت خارج دائرة الانتماء إليه من قبْل هذه اللحظة ، فهو اتحاد يفرق ولا يوحد ، ولا يمكن أن يكون أمر إصلاحه إلا إذا عادت ثانية صلاحية تشكيل لجنة الاختيار والترشيح إلى الجهة المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار، فهي الجهة التي نثق بها حقا ونعلم كل الجهود التي تبذلها رئيستها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة معضدة بجهود مديرة الثقافة والفنون الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة من أجل تطوير والارتقاء بالثقافة والفنون في مملكة البحرين .
الوسوم :#جمعية_إتحاد_المسرحيين_البحرينيين #ظلالوه #مسارح #مسرحيات #مسرحية #نوح_الحنين #يوسف_الحمدان مسرح